ماذا تعلم عن الميزان ؟؟
*****
ينتابنا أحياناً شعور بالضيق ، فمنا من يمضي و لا يكترث ، و يحاول أن يشغل نفسه بالملهيات حتى تُنسيه هذا الشعور ، و لكن هناك من يقف .. و يتفكر .. و يتأمل .. و يتألم ، محاولة في معرفة سبب هذا الشعور ، أهو عقاب من الله يا ترى ؟ هل هناك من ذنب أو تقصيـر ؟ أهو بسبب تلك النظرة ؟..أم تراه بسبب تلك الكلمة ؟..أم تراه إشارة من الله لتجديد العهد معه ؟ .
فنحن نتفاوت في حساسيتنا في التعامل مع هذا الشعور ، و في فهم المواقف التي نمر بها في حياتنا ، و في انفعالاتنا الوجدانية تجاهها ، فمنا من هو بليد الإحساس ، و منا من هو أشعري الإحساس ، و بين هاتين الدرجتين درجات كثيرة ، فما هو المعيار يا ترى في درجات هذا الميزان الشعوري ؟ .
يقول الله تعالى : ﴿ ..و اتَّقوا اللهَ و يُعَلِّمُكُمُ اللهُ ..﴾..{ البقرة : 282 } ، فتقوى الله تفتح القلوب للمعرفة ، و تُهيِّئ الأرواح للتعليم ، فالله يُعلِّم أحياناً بالمواقف و بالشعور ، و كلما ازدادت حساسية الميزان ، ازداد تلقي و فهم الرسائل بفعّالية فائقة .
يكفي اللبيب إشارة مكتومة *** و سواه يُدعى بالنداء العالي
و الرسائل التي يرسلها الله لنا تتناسب مع درجة الحساسية عند كل منا ، و التي معيارها كما قلنا التقوى و قوة الصلة بالله ، فعقوق الأولاد رسالة ، و لكن كثير منا لا يفهمها ، و الحرمان من قيام الليل و لذة مناجاة الله رسالة ، و لكنها من نوع خاص جداً لأناس بلغت حساسية الميزان عندهم درجة عالية جداً ، و بلغوا من دقة الشعور ما يُؤهلهم لمثل هذه الرسائل . قال أبو سليمان – يرحمه الله - : (( أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ، و لولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا )) . و قال الحسن البصري – يرحمه الله - : (( لم أجد من العبادة شيئاً أشد من الصلاة في جوف الليل ، فقيل له : ما بال المتهجدين أحسن الناس وجوهاً ؟ فقال : لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره )) .
يتبع